للحجز المباشر : 566111150-966+

أرشيف المواضيع

الخوف الاجتماعي

             مركز حياتي للاستشارات النفسية والاجتماعية

 

استشارة نفسية                           (الخوف الاجتماعي)                                  المجيب  الدكتور /السيد زكي

     استشاري نفسي وعلاج الإدمان

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أصحاب السعادة للاستشارات النفسية والاجتماعية بمركز حياتي.

الحقيقة عندي مشكلة كبيرة وأريد طرحها عليكم لعلي أجد ضالتي.

 

السؤال  

مشكلتي - حفظكم الله - هي الخوف من مواجهة الناس في حالة كوني متحدثاً فقط؛ حيث إنني أتلعثم في الكلام وتزيد دقات قلبي، وأشعر أن الجميع يراقبون تصرفاتي وأنهم يشعرون بما أعاني منه. وقد ذهبت إلى طبيب نفسي صرف لي دواء له بعض التأثيرات الجانبية، مثل: كثرة النوم واحتباس البول أكرمكم الله! واستمريت في أخذه ثلاثة شهور تقريباً، ثم تركته، علماً بأني شعرت بنوع من التحسن، ثم صرف لي الدكتور دواء آخر يستعمل عند اللزوم، واستمريت في أخذه فترة أطول إلى أن وجدت أن مفعوله بدأ يقل فوصف لي الدكتور علاجا آخر، يقول إن مفعوله أشد من الدواء الأول إلا أني لم ألحظ ذلك. بعد ذلك توقفت عن زيارة الدكتور وحالتي لم تتغير وما زلت أبحث عن حلّ؛ لذا كتبت إليكم راجياً من الله أن أجد لديكم ما يفيدني وجزاكم الله خيراً!

ملحوظة: أنا الآن على وشك التخرج من كلية مستلزمات التخرج فيها يقتضي التطبيق العملي، ألا وهو(التدريس)؛ لذا أرجو منكم سرعة الرد والله يحفظكم.

الجواب 

أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا، وبالنسبة لاستشارتك فالإجابة عنها في النقاط الآتية:

 أولاً: 

لم تصل -ولله الحمد- حالتك إلى ظاهرة "الرهاب الاجتماعي" أو الخوف الاجتماعي المرضي، ولكنه أحد أعراضه. ف (الخوف الاجتماعي) يعني: الخوف من مواجهة الناس ومقابلتهم، وقد يتطور إلى اعتزالهم كلياً، وربما تنقطع الكثير من مصالح الإنسان وتضيع عليه الكثير من الفرص بسبب هذا الخوف.

أما أعراضه، فتتمثل في: جفاف الحلق، وزيادة خفقان القلب، واحمرار الوجه، واللعثمة في الكلام، والتعرق، وزغللة النظر، وشيء من الدوار،

وأحياناً الشعور بعدم القدرة على الاستمرار واقفاً، وربما الغثيان.

 ثانياً:

 صعوبة الحديث أمام الناس، هي- كما أسلفت - أحد أعراض الخوف الاجتماعي. وهي منتشرة في المجتمع بدرجة كبيرة، ربما كان ذلك بسبب عوامل كثيرة اجتماعية وتربوية. ولكن ـ بفضل الله ـ يمكن تخفيفها أو التخلص منها إلى حدٍ كبير، وللشخص الذي يعاني منها دور كبير وحاسم في علاجها. 

ثالثاً: 

للأفكار المسيطرة علينا تأثير كبير على سلوكنا. فكما نفكر نكون؛ ولذلك تأمل نفسك، تجد أنك كثيراً ما تحدثت بطلاقة أمام بعض الناس، ولم تتوقف أو تتلعثم، بغض النظر عن هؤلاء الناس، هل هم أقارب أو زملاء؟

صغار أو كبار؟ وهذا بسبب أنك منشغل عن نفسك، وعن تغذية عقلك الباطن بأفكار سلبية حول خوفك من الفشل والإخفاق أو الخطأ، وبما يقولونه عنك، ويتأملونه فيك، وتقييمهم لك، ورضاهم عنك.

أقول: أنت منشغل عن كل ذلك بأفكارك، وبما تطرحه وتقوله من وجهة نظر، أو حكاية ما؛ أي أن أسلوبك وطريقتك النفسية هنا "هجومية".

وبمجرد أن تتراجع قليلاً إلى الأسلوب "الدفاعي"، تنشغل بنفسك عنهم،

وبما قد يقولونه عنك، عما تقوله أنت لهم، وبرضاهم عنك وتقييمهم لك، وتحاول تفسير نظراتهم، ولفتاتهم، تتشتت قواك، ويجري اختراق خطوطك الدفاعية وتضطرب وتتراجع وتنهزم.

إذاً فالمسالة واضحة، نحن الذين نتحكم إلى حد كبير في هذا الأمر. إمَّا أن ننطلق واثقين بأننا إن لم نكن من أحسن الناس فلسنا أسوأهم، وبأننا لسنا أقل قدراً وقدرة من الآخرين، وبأن الناس مشغولون عنا بأنفسهم، وبهمومهم وإما أن نحاصر أنفسنا ـ كما أسلفت ـ ونحمل الأمور والمواقف، والكلمات اكثر مما تحتمل، فنتراجع وننهزم حتى قبل أن ندخل المواجهة.

رابعاً: 

حاول ـ أخي الكريم ـ من الآن أن تتدرب على الحديث أمام الآخرين بالتدريج، مثلاً: ابدأ بأقاربك وزملائك، وابدأ بأعداد قليلة، حتى لو كانوا شخصا أو شخصين، ولا تجعل حديثك يتخذ طابع الرسمية، بل اجعله حديثا وديًّا، تناقش معهم من خلاله فكرة أو تطرح قضية، أو تروي لهم واقعة، وهكذا، ولا تنشغل كثيراً بنفسك أمامهم. 

بل ركز على ما تقول، لا على ما قد يقولونه أو يفكرون فيه، أو ما قد يظنون. وإياك أن تنشغل بالخوف من الخطأ، أو النسيان؛ لأن العقل الباطن هنا يترجم هواجسك السلبية إلى واقع ينفذه عقلك الواعي، فتخطئ فعلاً؛ ولذلك قالوا: "لكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً" وتفسير ذلك أن التفكير الإيجابي يدفع ويحفز الدوافع الإيجابية للعطاء أو النجاح، بعكس التفكير السلبي. وهب أنك أخطأت في كلمة أو جملة أو نسيت عبارة؟ الأمر عادي جداً، فلن ينقصك، ولن يقلل من قيمتك، إلا بقدر ما تسمح له أنت بذلك، فلا تعطه أكثر من حجمه، وتتعامل معه بشكل عادي، وتدرج بعد ذلك من ناحية الكم والكيف، وستفاجئك النتيجة، وهي نتيجة إيجابية بإذن الله. 

ولا يعني ذلك أنك في يوم وليلة ستكون خطيباً مفوهاً يهز المنابر. أبداً رغم أن هذا وارد، ولكن المهم هنا هو ألا تصبح هذه المشكلة حجر عثرة أمامك. وقد تتطور بشكل سلبي إلى ما لا تحمد عقباه!

خامساً: 

الناس يا عزيزي، لا يعرفون ماذا يدور بخاطرك، ولا يشغلهم هذا الأمر كثيراً، وحتى لو أرادوا معرفته ما استطاعوا، وبعضهم ينظر إليك، وقلبه وفكره في مكان آخر، وبعضهم قد يجد لو وقف موقفك أضعاف أضعاف ما تجد، فلا تعطي هذا الأمر أكثر مما يستحق. 

سادساً:

 هناك العديد من الأدوية النفسية التي تنفع في مثل هذه الأمور، والأهم منها هو العلاج السلوكي المعرفي، وفنيات تعديل السلوك، والاسترخاء، وهي أمور يحددها ويساعد عليها الأخصائي النفسي وكثيراً ـ بل وغالباً ـ ما تؤدي إلى نتائج إيجابية. شريطة التزام المراجع بتوصيات المعالج وتحتاج إلى وقت لتؤتي ثمارها. 

سابعاً:

 أما مسألة "الوظيفة" والتدريس، فما تجده وتشعر به من تخوف حيالها، وحيال التطبيق العملي الميداني فيها، قد وجده عشرات الآلاف قبلك، وهو أمر طبيعي، يتخوف منه الإنسان في البداية، وهناك مئات القصص الطريفة التي يرويها أصحابها عن تلك التجربة. ولكن ثق بأنك ستتجاوزها بعون الله، وستتذكرها مع الوقت، وتتعجب كيف أعطيتها كل هذا الاهتمام والترقب، والوجل، وهي في النهاية أمر عادي، فكن على ثقة كبيرة من ذلك. 

أخيراً لا تنسى أخي الكريم الالتجاء إلى الله بقلب حاضر ودعاء صادق،

بأن يعينك ويوفقك ويسدد على طريق الخير والحق خطاك. فهو تعالى المستعان، وعليه اتكالك.

ولا يسعنا في نهاية الجواب إلا أن نسأل الله لنا ولكم التوفيق.

مع تمنيات مركز حياتي.